أحمد مراد (القاهرة)

حذر محللون وخبراء في شؤون الحركات والجماعات الإسلامية المتطرفة من خطورة تنامي النفوذ الإخواني داخل قطر، موضحين أن النفوذ الإخواني في قطر بلغ حداً خطيراً بعدما بات يشكل تهديداً صريحاً ومباشراً على أمن واستقرار الإمارة الصغيرة.
وشدد الخبراء والمحللون أن الجماعة الإرهابية تتبع نهجاً مشبوهاً من أجل «أخونة» المؤسسات والأجهزة القطرية كافة سواء الحكومية أو الخاصة، مشيرين إلى أن الإخوان يعملون على تحويل قطر إلى «نقطة انطلاق» لمشروعهم الفكري والسياسي والعسكري، والذي يسعى إلى إقامة خلافة إخوانية تسيطر على ثروات وموارد البلاد والعباد.
ولم يستبعد الخبراء أن تنقلب الجماعة الإرهابية على النظام الحاكم في قطر إذا ما وجدت أن مصالحها تتعارض مع مصالحه، وهو أمر متعارف عليه في تاريخ الإخوان الذي يذخر بالعديد من الوقائع التي انقلب فيها الإخوان على حلفائهم.
الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، ماهر فرغلي، شدد على حرص جماعة الإخوان الإرهابية على تعزيز وجودها ونفوذها داخل مختلف مؤسسات وأجهزة الإمارة القطرية، موضحاً أن الجماعة الإرهابية تتبع نهجاً مشبوهاً لـ«أخونة» قطر، وهو الأمر الذي يظهر بوضوح في سعي الجماعة لجلب رموزها وعناصرها من مختلف دول العالم إلى الدوحة، بهدف التوغل والانتشار في المؤسسات القطرية كافة، الأمر الذي يشكل خطورة بالغة على مستقبل الإمارة الخليجية الغنية بالنفط والغاز، فضلاً عن أن هذا الأمر يشكل أيضاً خطورة على النظام القطري نفسه، فليس من المستبعد أن تنقلب الجماعة الإرهابية عليه إذا ما وجدت أن مصالحها تتعارض مع مصالحه، وهو أمر متعارف عليه في تاريخ الإخوان الذي يذخر بالعديد من الوقائع التي انقلب فيها الإخوان على حلفائهم.
وقال فرغلي: «منذ أكثر من 60 عاماً، وبالتحديد مع بدء توافد عناصر جماعة الإخوان على قطر عام 1954، تسعى الجماعة الإرهابية إلى تحويل قطر إلى إمارة إخوانية أو جزءاً حقيقياً من التنظيم العالمي للجماعة، وأن 9 قيادات إخوانية من رفقاء حسن البنا قد هربوا إلى قطر منذ ذلك الوقت، وهم الذين زرعوا أفكار الإخوان في قطر، وانتشروا في مؤسسات حيوية مؤثرة، منهم يوسف القرضاوي الذي سيطر على جامعة قطر، وأنشأ كلية الشريعة، وعبد البديع صقر الذي ارتقى في المناصب حتى وصل إلى منصب المستشار الثقافي لحاكم قطر، وحسن المعايرجي الذي وصل إلى أرفع المناصب في وزارة التعليم للدرجة التي جعلته يقوم بالتدريس للشيخ حمد بن خليفة، وأحمد العسال الذي عمل في قطر طوال فترة الستينيات، وعبد الحليم أبوشقة الذي ألف الكثير من الكتب المتعلقة بالمرأة في قطر، وسيطر على الجمعيات الخيرية، وعبد المعز عبدالستار الذي تولى مسؤولية تأليف المناهج المدرسية القطرية».
وكان القيادي الإخواني عبد البديع صقر يشرف على جميع المكتبات العامة في قطر التي تغيرت فيما بعد إلى «دار الكتب القطرية»، وبعد ذلك أنشا المعهد الديني الذي يشرف عليه القرضاوي، وأنشأت «الإخوان» بقطر فيما بعد لجنة لتأسيس مدارس ابتدائية وثانوية خاصة للبنين والبنات في مايو 1956، وتحت إشراف هذه اللجنة بدأ الإخوان في تأسيس شركات مدنية عدة لإنشاء هذه المدارس وإدارتها، وافتتحوا مكاتب لتحفيظ القرآن الكريم، كما افتتحوا مكتب لمعاونة الطلاب المهاجرين.
وأضاف: «وعلى مدى أكثر من 60 عاماً، حرص الإخوان الذين وفدوا إلى الدوحة على التوغل في المؤسسات القطرية، والتواصل مع القيادات السياسية، كما ركزت الوفود الشعبوية على العمل في المؤسسات التعليمية، وهو ما أثر بالفعل في توغل الجماعة في كل مؤسسات قطر فيما بعد».
وفي السياق ذاته، حذر القيادي الإخواني المنشق، د. ثروت الخرباوي، الباحث في شؤون الحركات المتطرفة، من خطورة تنامي النفوذ الإخواني داخل قطر، مؤكداً أن النفوذ الإخواني المتنامي يشكل تهديداً كبيراً على أمن واستقرار الإمارة الصغيرة، والتي تحاول الجماعة الإرهابية أن تبتلعها، وتحولها إلى «نقطة انطلاق» لمشروعها الفكري والسياسي والعسكري، والذي يسعى إلى إقامة خلافة إخوانية تسيطر على ثروات وموارد البلاد والعباد في مختلف دول المنطقة العربية، وقد ينقلب السحر على الساحر، وتخدع الجماعة الإرهابية النظام القطري، ويكون على رأس قائمة ضحايا الطموح الإخواني غير المحدود.
وأكد أن النفوذ الإخواني في قطر بلغ حداً خطيراً على مستقبل الإمارة الخليجية، ويكفي الإشارة هنا إلى أن المعلومات الموثقة تؤكد أن أمير قطر تميم بن حمد عضو قيادي في التنظيم الدولي لجماعة الإخوان.
ومن ناحية أخرى، رصد د. محمد عبد القادر خليل، مدير برنامج تركيا والمشرق العربي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، بعض معالم النفوذ الإخواني في قطر، موضحاً أن علاقة الدوحة بالإخوان وثيقة وطويلة الأمد، ويعود تاريخها إلى خمسينات القرن الماضي، وذلك حينما قامت الدوحة بمنح أعضاء الجماعة حق اللجوء السياسي، ومنذ ذلك الحين، تحولت الدوحة إلى مركز لعناصر جماعة الإخوان، مثل خالد مشعل، ويوسف القرضاوي، وقد كان أمير قطر السابق حمد بن خليفة مقرباً من يوسف القرضاوي، الذي سخرت له قناة الجزيرة منصة للترويج لآرائه واتجاهاته، وبعد اندلاع أحداث الربيع العربي، اتجهت قطر لتسخير برامج شبكة الجزيرة وما تلاها من شبكات وصحف ومواقع إخبارية محلية وعربية وإقليمية ودولية لخدمة المشروع السياسي للإخوان، وقد سيطرت عناصر هذه الجماعة على الشبكات الإعلامية القطرية، سواء من حيث العاملين، أو الإعلاميين، أو الضيوف، بما جعل الشبكة الإعلامية القطرية تمثل «صوت الإخوان» في العالم العربي، كما سيطرت عناصر الجماعة على الشبكة الفضائية القطرية «العربي الجديد».